عندما تغص الحناجرُ بكمدها..
وتتنفس الرئةُ من ثقب أسود ضيق..
عندما تسكب المقلُ حممَ انصهارها على طين الخدود..
وتُغرق الدموعُ دهاليزَ النفس الضائعة وسط محيط بلا حدود..
عندما تتناثر الأمنيات صرعى على بوابة الكرب الأليم..
وتتشح كل لحظات السعادة البريئة بوشاح أسود في ساحة العزاء السقيم..
عندما تُعزلُ عن الملأ.. وتُفردُ في حجرة مظلمة..
في كل زاوية من زواياها تنوح الآه..وتتوجع الحياة..
تتنفسُ ذرات من الهم الثقيل..
فلا تشم إلا رائحة الموت..
حينها..
تبحث عن الحبيب فلا حبيب..
وترجو الصديق فلا صديق..
الكل ينسل من حولك كالشعرة من العجين..
ساعتها تنطفئ كل أنوار الحياة...
ولا يبقى أمامك غير نور الله..
فلا مثبت غيره..
ولا يرجى سواه..
هو المتصرف..
هو الشافي المعافي..
وهو أرحم الراحمين..
لتعلم يا ابن آدم أنك ما خلقت لتخلّد..
ولا وجدت لتنعّم وتمجّد..
إنما أنت لله..
تعمل وتخلص وتسجد..
وله تعظّم وتمجّد..
فكلك لله تعبد.
حياتنا ثوب مقطع..
فلا مال ينفع..
ولا حبيب يشفع..
ومن اتخذ غير الإيمان رقعة فحياته لن تترقع..
نُبتلى فنشتكي ونتذمر..
نمرض فنتأوه ونتضجر..
والأولى أن نحتسب ونصبر...
لأن بعد العسر يسرا..
وبعد الصبر بشرى..
بثواب غير محدود..وأجر غير معدود..
قال الله تعالى: ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ )
وقال: ( إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ )
وفي الحديث أنه:
"يُنادى يوم القيامة على أهل البلاء في الدنيا، ويعطيهم الله ويعطيهم، وما زال يعطيهم حتى يتمنى أهل العافية أن لو كانت أجسادهم قرضت بالمقاريض في الدنيا لعظم ما رأوه من أجر المبتلين".
وبشر الصابرين..
فبشراك أيها الصابر المحتسب..
اللهم أفرح برحمتك قلوباً نحبها..
واذهب بكرمك حزنها وهمها..
واغفر بجودك ما كان من ذنبها..
ونور بالقرآن والغفران دربها..
وخفف عليها مرضها وضيقها..
اللهم آمين..