طالب فضيلة الشيخ السديس إمام الحرم المكي في خطبة الجمعة إلى الحجر على شخوص مفتين سعوديين أثاروا الرأي العام بفتاواهم مؤخرا، ففي دعوة صريحة ونادرة من على منبر خطبة جمعة المسجد الحرام في مكة المكرمة، طالب الشيخ الدكتور عبدالرحن بن عبدالعزيز السديس ظهر اليوم الجمعة 25 يونيو 2010 بالحجر على الشيخ عبدالمحسن العبيكان، وإمام المسجد الحرام ومسجد الملك خالد سابقاً الشيخ عادل الكلباني، ورئيس فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة الدكتور احمد قاسم الغامدي وغيره ممن افتى بجواز الاختلاط.
ووصفهم الشيخ السديس، وغيرهم ممن لم يحدد فتاواهم، بـ"المقتحمون لمقامات الفتيا"، معتبراً بأنهم ليسوا من الفتيا " في قليل ولا كثير، غافلين عن آثار آرائهم في المجتمع ومآلاتها في الأمة".
وجاءت مطالبة إمام المسجد الحرام الأكثر شهرة في العالم الإسلامي، في سياق خطبة الجمعة التي كرسها لموضوع "جريرة الغش والخداع"، مشتملة على كشف أوجه هذه الجريرة وجسامة ما تكبده من خسائر في "الاموال" و"الأديان" و"الابدان" وسائر المعاملات.
وفيما نقلت وكالة الأنباء السعودية تفاصيل خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، فإن نقل الوكالة لخطبة المسجد الحرام تجاهلت 95 كلمة من مضمون الخطبة، وتحديداً في الدقيقة العاشرة وعشرين ثانية من بدءها. إذ بعد أن عدد الشيخ السديس أوجه "جريرة الغش" في المكاييل والميزان، وجاء حديثه عن الغش في "العقيدة والعبادة" متحدثاً عمن يجافي العقيدة أو يتنطع فيها أو يزيد فيها من البدع والعبادات في بعض الأشهر – يقصد شهر رجب الحالي-، قال: "وكذا غش الأمة في دينها، ومصادر تلقيه، في وقت كثر فيه المتعالمون والممتطون لصهوة القول على الله بغير علم، والمتقحمون لمقامات الفتيا وهم ليس منها في قليل ولا كثير، غافلين عن آثار ارائهم في المجتمع ومآلاتها في الأمة، في حل سحرٍ، ورضاعٍ، وغناءٍ، واختلاط، وسواها".
ومعلوم أن فتيا حل السحر بغرض إبطال السحر واحدة من الفتاوى الشهيرة للشيخ عبدالمحسن العبيكان، وللعبيكان ايضاً قبل أقل من شهر فتياه الأخرى التي احلت رضاع الكبير. أما حل الغناء فصدرت عن القارئ عادل الكلباني قبل أيام، وفتيا الاختلاط تصّدر لها رئيس فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة الدكتور احمد قاسم الغامدي بعد أسابيع طويلة من اللغط حولها ودخول طلبة علم وقضاة على خط الجدل القائل بتقنين الاختلاط في بعض المؤسسات العامة.
وقال الشيخ السديس إن هؤلاء "المتعالمون والممتطون لصهوة القول على الله بغير علم، والمقتحمون لمقامات الفتيا" تناسوا أثر الصحابي عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه عندما قال: "ما أنت محدث قوم بحديث لم تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة". وهنا، جاءت ذروة خطبة الجمعة عندما قال السديس: "ولعل من الحزم الحجر على أمثال هؤلاء، فالحجر لإستصلاح الأديان، أولى من إستصلاح الأبدان".
وواصل الشيخ السديس قائلاً في هذا السياق: "كذا غش الأمة في فكرها الصافي بأفكار ملوثة تثير الفتن والبلبلة، وتتقفّر الفتاوى الشاذة، والأقوال الغريبة الفاذّة، خروجاً عن جماعة الأمة وجمهور أهل العلم، ونيلاً من علماء الأمة الربانيين وأئمتها الراسخين في عالم يموج بفوضى الفتاوى وعبث التعالم، وهكذا غش الأمة في قضاياها الكبرى ومقدساتها، بالتجافي عنها والاستخفاف بشأنها، وإذلالها بالاحتلال والحصار والظلم والدمار، وما تفرزه وسائل الإعلام وأعمدة الصحافة وقنوات الفضاء وشبكات المعلومات من مواد فكرية مغشوشة، تلبّس الحق بالباطل، وتدنّس الفضائل بالرذائل، لا سيما غشّ المرأة المسلمة وخداعها بالتبرج والسفور والاختلاط المحرّم".
وهنا دخل السديس مؤيداً للمقال الصحافي لأمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز الرافض لتداول كلمة "وهابية" وكأنها خرجت ولو قليلاً عما جاء في الكتاب والسنة، وكون كلمة "الوهابية" وصفٌ استخدمه خصوم الدولة السعودية منذ نشأتها الأولى للتشويش على منهجها.
وقال: "ومنها الغش في المفاهيم والتلاعب بالمصطلحات، على نَحْوِ ما يحاك ضد الدعوة السلفية في هذه الأيام، وما هي إلا لزوم منهج سلف الأمة من الصحابة الكرام، والأئمة الأعلام، وليست فرقة حزبية أو دعوةً عصبية، أو الوقوع في فخ ما يسمى بالوهابية، وما هي إلا دعوة تجديديّة وإصلاحيّة، وليست مذهباً خامساً كما يُزعم، بل ليس فيها -بحمد الله- ما يخالف الكتاب والسنة، ومن صوره ما يتعلق بغش الأوطان في بث الفوضى فيها، وزعزعة الأمن والاستقرار وتعريضها لأعمال العنف الإرهاب، وتهريب وترويج المخدرات، واستمراء المحرمات والمنكرات".