كذا فليجلّ الخطب وليفدح الأمرٰ
فليسَ لعين لم يفض ماؤها عذرُ
فرحان بن حوضان المطرفي رحمه الله ، المعلم في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم الابتدائية بعرعر ، صديق قديم ، عرفته قديما عندما كان يتردد على حلقة مسجد الدغفق بالناصرية في عام 1417هجرية ، وكنا نجلس في ذلك المسجد الذي كان إمامه أخونا الدكتور مصعب مطلق ، إذ كان يسكن فرحان رحمه الله بالقرب من المسجد ، حتى أتم حفظ كتاب الله تعالى ، ثم تزاملنا في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم عدة سنوات ..
------------
كان رحمه الله مثال الأخ الوفي ، التقي النقي الخفي ، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا ، رجل امتلأ حياء وأدبا ، كثير الذكر لله تعالى ، كثير الاستغفار ، هادئ الطبع ، علامات الصلاح واضحة على محيّاه ..
سافرت معه عدة سفرات علاجية لأبها والأردن والكويت إذ كان يعاني من تكسر الصفائح ، قبل مرضه الأخير الذي لازمه لأكثر من خمس سنوات ، فكان نعم الرفيق في السفر ، حريصا على الصلاة والذكر وقراءة القرآن وصلاة الضحى ..
------------
عرفته بارا بوالديه ، لا يرد لهما طلبا ، وإذا كنا في سفر كثيرا ما يتصل على والدته ليطمئن عليها ثم يقول لها ( شلون أبويه ؟!)
لطيف المعشر مع زملائه ، لا يمكن أن يؤذي أحدا بكلمة ، فضلا عن فعل ..
------------
كان مؤذنا لجامع الصناعية بعرعر لسنوات ، ثم إماما للجامع إلى أن أثقله المرض ، أحبه كل الوافدين الذين يصلون معه في الجامع لأدبه وخلقه ودينه ..
------------
قابلته قبل أيام في مدرسة التحفيظ ، وهو يحمد الله أنه تماثل للشفاء ، ويقول : أنتظر موعد العملية ، وإذ به ينتظر المنية !
تحدثنا سويا في مكتب مدير المدرسة، وقال لي : إن أمي ما زالت تحتفظ في جوالها بأبياتك التي أرسلتها لي بعد الغيبوبة وترددها كثيرا ..
وقد كنت أرسلت له رسالة بعد أن تحسنت صحته وهو في الرياض - مع أن بضاعتي في الشعر قليلة - :
يا رب تشفي لنا فرحان
الصاحب اللي اشتقنا له
نشأ على طاعة الرحمن
وذكر الله دايم على باله
أدب واخلاق وعفيف لسان
قليل تلقى من امثاله
إنسان كل ما تقول إنسان
صدره غثا الناس ما شاله
إلهنا احفظ لنا فرحان
وردّه على أبوه وعياله
------------
جاءني خبر وفاته برسالة جوال ، إذ وصلتني رسالة تقول ( فرحان حوضان يطلبك الرحمة )، فكان خبر وفاته محزناً للجميع ، كلمت مدير المدرسة الفاضل الأستاذ : سلطان فرحان لأتأكد لعل الخبر غير صحيح ، فلم يستطع أن يتكلم من هول الأمر !
رحمك الله يا أبا معاذ رحمة واسعة، وأنزلك منازل الأبرار ، وجعل قبرك روضة من رياض الجنان ، وعوضك جنة عرضها السموات والأرض ، وعزاؤنا لوالديك وإخوتك وأهلك وأبنائك وزملائك ومحبيك .
إن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن ، وإنا على فراقك يا فرحان لمحزونون ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا جل وعلا ..
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
سليمان صفوق العنزي
جامعة الحدود الشمالية